هل تُفكر في بدء مشروع إعلامي جديد؟ إن كانت الإجابة (نعم) فهذه فكرة جيدة من حيث المبدأ، لأن هذا التفكير في حد ذاته هو بداية النجاح بالنسبة لك، وبما أنك فكرت في بداية مشروعك فينبغي أن تكون الفكرة أتت بعد تفكير طويل ودراسة عميقة للمنطقة التي تنوي إقامة مشروعك فيها. ولا أقصد بالمنطقة المكان الجغرافي وحسب، بل أقصد بها كل شئ يتعلق بالمشروع الذي تنوي إطلاقه. بدايةً من دراسة السوق، ومعرفة المنافسين، وتقييم المنتج المعروض، ومعرفة ما الجديد الذي ستقدمه. كل هذه الأمور هي مهمة للغاية حتى تستطيع تحديد أهداف المشروع والعملاء المستهدفين، وحجم المشروع وجغرافيته.
قبل عام ونصف من الآن رأيت في نفسي القدرة على مساعدة زملائي وزميلاتي، فبدأت في تقديم بعض الأدوات إليهم عبر حسابي الشخصي على فيسبوك، الأمر كان عادياً، كنت أفعل مثلما يفعل كثيرون من حولي، لكن تعليقاً واحداً على منشور لي عبر فيسبوك كان كافياً لأعيد التفكير فيما أقدمه. وبدأت اسأل نفسي، هل يمكن أن يتحول ما أقدمه إلى مشروع مستدام يقدم الخدمة بدلاً من المساعدة العابرة؟ إن كان كذلك فما هي الخدمات التي سيقدمها؟ ولمن سيقدمها؟ وهل هي جديدة في السوق أم هناك منافسون؟ ومن هم هؤلاء؟ وماذا يقدمون؟.
أسئلة كثيرة جداً بادرت إلى ذهني جعلتني أمكث عدّة أشهر في دراسة مستمرة لحالة السوق قبل إطلاق المشروع.
في هذا المقال نغوص سوياً في أعماق برنامج مركز توجيه المبادرات الإعلامية الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للمركز الدولي للصحفيين وشبكة الصحفيين الدوليين، ونقدم لكم خلاصة سنة كاملة من التدريب والتأهيل على يد متخصصين حتى نطور مشروعاتنا الناشئة التي فازت بالتوجيه هذا العام، وأحاول تلخيص ذلك كله في 12 نصيحة مُبسطة يمكنكم الاستفادة منها قبل وبعد إطلاق مشروعاتكم الجديدة.
التفكير في مشروع جيد يقدم خدمات جديدة
تذكر جيداً أنّ "المنتج الجيد يسوق لنفسه" وتنطبق هذه العبارة على المشروعات أيضاً، فالمشروع الجيد الذي يقدم خدمة جديدة ومتميزة يسوق لنفسه، لذلك وأنت تفكر في مشروعك المستقبلي عليك أن تراعي ذلك جيداً، وأن تفكر كثيراً وتجري دراسة عميقة لحالة السوق، وأثناء الدراسة وجه لنفسك اسئلة. مثلاً، ماذا ينقص هذا السوق؟ وما أهمية هذا الأمر الناقص؟ وهل الجمهور في حاجة إليه؟ هذه الأسئلة تُنير أمامك الطريق وتجعلك تفكر بشكل جيد وتصل إلى فكرة مشروع جيد في النهاية.
تقييم فكرة المشروع
المرحلة الثانية بعد التفكير ودراسة السوق واختيار فكرة المشروع عليك أن تقيمها جيداً، وهنا أنصح بالاستعانة بذوي الخبرة في المجال الذي اخترته، حتى تتعلم أكثر، أيضاً ليضعوا أمامك سبل النجاح وأبرز العقبات المحتملة وكيف تتغلب عليها.
الخبرة
من المهم أن تختار مشروعًا يتفق مع خبرتك، حتى تستطيع إدارته بشكل جيد، أيضاً حتى تتمكن من تطويره ليقدم منتجًا يجعلك متميزاً عن منافسيك في السوق. ببساطة هل يمكن للطبيب أن يعمل في الهندسة؟ بالطبع لا، وبالتالي لو أن هذا الطبيب أنشأ شركة هندسية لا يمكنه أن يستمر في إدارتها بنفسه.
ماذا سيقدم المشروع؟
من أهم الأشياء التي يجب دراستها قبل إطلاق المشروع، المنتجات التي يقدمها المشروع، كما ذكرت في بداية المقال أن المشروع الجيد يسوق لنفسه جيداً، لكن هذا يتطلب سلعة جيدة أيضاً، بالتالي فإن اختيار المنتجات بعناية شديدة تساهم بشكل كبير في نجاح المشروع.
لمن أقدم المنتج؟
من الضروري جداً أن يحدد مدير المشروع شريحة العملاء التي يستهدفها المشروع، ودراسة توجهاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم بشكل دقيق، حتى يتمكن من تحسين منتجاته بشكل يحقق له النجاح والاستدامة.
من ينافس مشروعي؟
معرفة المنافسين وتحليلهم من أهم المراحل وأخطرها، لأنها تحدد توجه المشروع ونوعية المنتجات وحتى حجم الأرباح المتوقعة، بالتالي يجب عليك قبل الإنطلاق أن تحلل منافسيك بشكل جيد لتفهم محيطك بشكل يؤهلك لدخول السوق بكل ثقة.
الإبتكار
من أساسيات استدامة أي مشروع أن يكون لديه ابتكار، والابتكار هُنا ينقسم إلى نوعين. الأول، ابتكار جزئي ويعني أن يطور المشروع أدوات ومنتجات موجودة بالفعل ويقدمها بشكل مُختلف. أما الثاني، وهو ابتكار كُلي ويعني أن يبتكر المشروع أدوات جديدة يتفرد بها في السوق، لذلك من الضروري لكل مشروع أن يضع خطة استدامة واضحة ويستعين فيها بخبراء متخصصين لتقديم الرؤى والحلول الصحيحة المستندة على أسس علمية وعملية.
التمويل
من أهم العقبات التي تواجه أي مشروع، خاصةً المشروعات الناشئة "التمويل"، لذلك قبل الإنطلاق ينبغي أن يكون لديك على الأقل خطة للتمويل الأولي الذي تبدأ به، ثم من خلال الدراسات التي أجريتها مسبقاً للسوق يمكنك تكوين خطة جيدة للتمويل المستمر الذي يضمن استدامة المشروع.
الشركاء
أي مشروع يلزمه داعمين ليكون قوياً، ومن أهم هذه الحلول التي درسناها في مركز التوجيه "تكوين الشراكات". ولكن قبل الانفتاح على الشراكات هناك معايير للشراكة من الضروري اتباعها. أولاً من هم الشركاء الذين أحتاجهم؟ وماذا سيقدمون لي؟ هل سيقدمون دعمًا ماليًا؟ أو سيدعمون المشروع لوجيستيًا؟ أو نشترك في إنتاجات جديدة؟ هل بإمكانهم مساعدتي في الترويج لمشروعي؟ الخ. كل هذه الأسئلة وغيرها هي معايير عليك التفكير فيها وتحديدها قبل عقد الشراكات.
المخاطر الخارجية
أي مشروع لديه حزمة مخاطر خارجية من الضروري تحديدها بدقة والعمل على تفاديها أو التقليل منها، حتى لا يصبح المشروع في مهب الريح.
المخاطر الداخلية
المخاطر الداخلية لا تقل أهمية عن المخاطر الخارجية للمشروع، لكنها تكون أقل خطراً، ولكن في المجمل ينبغي عليك أيضاً دراستها وتحديدها بدقة حتى تتمكن من السيطرة عليها قبل تفاقمها والعمل على تفاديها في أسرع وقت ممكن.
أخيراً مصادر الدخل
تعمدت أن أضع مصادر الدخل في نهاية المقال حتى يكون آخر أمر تخرج به من هنا. مصادر الدخل للمشروع من أهم الأشياء التي يجب أن تُركز عليها وتعطيها أولوية، لأنها السبب الرئيسي الذي يضمن لك استدامة مشروعك، فإن كنت على سبيل المثال مشروعاً صحفياً عليك التفكير في إيجاد مصادر دخل جيدة مثل الاشتراكات، والقصص المدفوعة وغيرها، ربما يكون هذا صعباً في المنطقة العربية، لكن دعني أقول أن الاعتماد على المنح كسبيل وحيد للدخل من أهم الأخطاء التي تهدم المشروعات والمؤسسات، لذا يجب عليك ابتكار طرق وحلول متجددة تحقق لمشروعك دخلاً يضمن استدامته.
add_comment ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق