ممّا لا شك فيه أننا بتنا نعيش في عصر الصورة وكلّ شيء بات مرتبطاً بكيفية الظهور وما نكتب وما نقول. والشاشة لم تعد حكراً على التلفزيون، بل أصبحت متعددّة الأحجام تبدأ من الهواتف الذكية ولا تنتهي مع التطبيقات والصور المنشورة على مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها، وهي ما يحتاجها كل من يعمل في الشأن العام والصحافة حتى صحّ في هذه المواقع القول إنها أصبحت "الخبز اليومي" لحوالي نصف سكان الكرة الأرضية، إذ يبلغ عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية – الإنترنت حوالي 4.6 مليار شخص بحسب موقع ستاتيستا.
علم التسويق ليس بحديث، بل نشأ مع بدايات حاجة الإنسان إلى التواصل مع غيره وخلق صورة جيّدة عنه وعن منتجاته وخدماته. ومع بروز الإنترنت في منتصف التسعينات من القرن الماضي، نشأ مفهوم الـ Online Branding والـ Personal Branding أي التسويق الذاتي على الإنترنت. واختصار هذا الأمر هو أن يتحوّل الفرد الى علامة فارقة ومميّزة – تماماً مثل الماركة في عالم التسويق التجاري – أو علامة تجارية مرتبطة باسمه وبمجال عمله.
ما هي الإيجابيات؟
عندما تنظر الى "لوجو" شركة عالمية مثل "ماكدونالدز" أو "نايكي" تتخيّل فوراً المنتجات والجملة التي تعتمدها الشركتان كشعار مثل "I’m loving it"
و"Just do It"، وهذه الشعارات أصبحت من المسلّمات في عالم التسويق ومثالاً يضرب في تعريف المنتجات والسلع. وانطلاقاً من هذا الواقع، إذا تمكن الصحفيّ من تحويل نفسه إلى BRAND أو ماركة أو علامة مسجلّة مع شعار وألوان مخصصة وربمّا عناصر تسويقية أخرى مثل "الساعة" أو "الكرافات" أو في حالة الإعلامي الراحل لاري كينغ ما كان يعرف بالمعلقات Suspenders - فهذا يعني أنه وصل إلى مرحلة متقدمة جداً في علم التسويق الذاتي وحصد شهرة كبيرة في السوق. وهذا من شأنه ايضاً أن ينعكس على الراتب والسمعة والدور الذي يلعبه في المجتمع.
بشكل أوضح، التسويق الذاتي هو الصورة التي تعطيها عن نفسك في شتى المجالات. من يحتاج إلى هذا النوع من التسويق وإلى علامة فارقة؟
ببساطة، أي كان على الإنترنت يحتاج إلى إلمام في هذا العلم خاصّة في مجالات: الأعمال والتسويق والصحافة والسياسة والفن وغيرها من الإختصاصات التي تحتاج إلى تواصل وحضور أمام الجمهور العريض أو عامّة الناس.
ثم أنّ هذه الصورة التي نكوّنها لأنفسنا على هذه المواقع من شأنها أن تكوّن انطباعاً في ذهن الناس وهذا الإنطباع الأوّلي يعكس مدى اهتمام الناس بنا وبمتابعتنا وينعكس على مجال عملنا أو اختصاصنا ويؤدّي في كثير من الأحيان إلى خلق فرص عمل جديدة لصاحب الحساب الأكثر تنظيماً واحترافية.
لهذا سنقدّم مجموعة من الخطوات الأساسية في علم التسويق الإلكتروني الخاص لتحسين صورتنا كأفراد على الإنترنت ولجذب المزيد من المشاهدين والمتابعين وشدّ انتباههم والأهمّ هو تكوين السمعة الحقيقية التي نريدها نحن عن أنفسنا.
أولاً: إبدأ بالبحث عن اسمك أولاً واحرص على أن يتناسب مع ما تريد إظهاره للناس
هناك مقولة شهيرة باللغة الإنجليزية "ما يحصل في فيغاس يبقى في فيغاس" ولكن مع دخول معادلة "السوشال ميديا" أصبحت كالتالي: "ما يحصل على الإنترنت يبقى على غوغل للأبد"!
وهذا يعني أن أي شيء يُكتب عنّا أو نكتبه بأنفسنا، يبقى ضمن محرّكات البحث والأرشيف الأونلاين إلى فترات طويلة! ولهذا تكون الخطوة الأولى هي البحث عن اسمك سواء على "جوجل" أو مواقع التواصل الإلكتروني الأخرى، فإذا كانت الصور التي ستظهر والمقالات والجمل تعكس حقيقةً الصورة والهوُية التي تريد إظهارها للعالم، فلا خوف من المضي قدماً في عملية تحسين وتطوير صورتك أونلاين. ولكن إن وجدت ما يدعو للقلق (مثلًا: صور قديمة غير مرغوب فيها، نصوص غير لائقة عنك أو صور لها علاقة بعمل سابق أو نشاطات لم تعد ترغب بها) عليك فوراً البدء بإزالتها وترك ما يعكس الإنطباع الجيّد لدى المتابعين.
ثانياً: حدّد أولوياتك واختر المواقع التي تناسبك
بحسب خوارزميات وبرمجيات مواقع التواصل الإجتماعي، ما يظهر في محرّكات البحث عنك وعن اسمك، هو الموقع حيث يكون الفرد أكثر نشاطاً. مثلاً: إذا كان المستخدم أكثر نشاطاً على تويتر من غيره من المواقع، فإن أولى النتائج في الصفحة الأولى ستظهر أحدث التغريدات والحساب المرتبط باسم الشخص الذي نبحث عنه.
عليك أن تختار الأولويات، أين تريد أن تكون أكثر نشاطاً؟ وما هو المحتوى الذي تريده أن يظهر أولاً؟
كما تجدر الإشارة إلى ضرورة ضبط الصورة المناسبة للبروفايل وللخلفية والمعلومات الأساسية عنك على هذه المواقع والتطبيقات. كأن تحدّد مجال الإختصاص والعمل والشعار الذي تؤمن به وما يجعلك متميّزاً عن غيرك في مجال عملك.
ثالثاً: حدّد أهدافك من التواجد على مواقع التواصل
هناك هدفان أساسيّان من تواجدنا على مواقع التواصل الإجتماعي: الأول هو للتسويق من أجل بيع منتجات أو خدمات والثاني هو بناء السمعة الجيّدة Branding Awareness. وفي كلتي الحالتين، يجب العمل جيّداً على بناء الصورة المناسبة لهذين الهدفين من خلال اختيار الجمل التي تصف العمل بعناية ومن خلال اختيار الصور المناسبة والعبارات المناسبة لوصف الأهداف المتوّخاة.
فإذا كان الهدف تطوير المبيعات، عليك أن تبدأ بالحديث عن المنتجات وخلق استراتيجية واضحة تهدف لشرح المنتجات وأهميّتها وقيمتها المضافة على حياة الناس.
وإذا كان الهدف تطوير السمعة الشخصية، عليك أن تحرص على نشر ما يناسب هذا الهدف. الإبتعاد عن كل ما هو مبتذل ومنسوخ والحرص على خلق صورة محترفة تعكس تماماً أخلاقك وما يتناسب مع مجال عملك.
المسألة تحتاج للوقت فلا تيأس من أول شهر. أحياناً تأخذ الأمور أشهرًا، بل سنوات ولكن النتيجة حتماً مرضية.
رابعاً: تنسيق الألوان والشعارات وأسماء الحسابات
في عالم التسويق الذاتي أونلاين، هناك ما يعرف بالتموضع أو Positioning وهو كناية عن تعريف يجب أن تقوم بتطويره بطريقة ذكية وجذّابة تصف تماماً نوعية العمل والخدمات وغيرها.
تترافق مع اختيار الألوان المناسبة لرسم الهوّية الإلكترونية واللوجو "الشعار" المناسب لشخصك. إحرص أن تضع الصورة نفسها على كل الحسابات لخلق هذا التناسق في الألوان والصور والهوّية.
الصورة أدناه مثالاً:
تطوير الصورة نفسها سواء في الخلفية أو صورة البروفايل أو "اللوجو" تجعل من الفرد نفسه ماركة مسجّلة، فيصبح المتابع لك ولمنشوراتك على دراية بأن هذه الصورة تعكس هذا الشخص. فتغيير هذه الصورة بشكل متكرّر تؤثّر على الهويّة التسويقية للفرد وتجعل المتابع في حيرة من أمره.
أمر أساسي نختم به هو اختيار الإسم أو المستخدم Username نفسه على كل المنصات. فلا يجب أن يكون اسمك @Thomas122 على تويتر ومن ثم @T_Happy_12 على انستجرام و@Thomas12 على فيسبوك، وهكذا دواليك.
توحيد الإسم والشعار والصورة والتعريف هم البداية في عالم التسويق الذاتي عبر الإنترنت والمفتاح إلى تواجد ناجح على مواقع التواصل الإجتماعي.
add_comment ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق